فصل: أحاديث الخصوم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث الخصوم

أخرج البخاري، ومسلم ‏[‏البخاري في ‏"‏باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب‏"‏ ص 208 - ج 1، ومسلم في ‏"‏باب ما يباح للمحرم بحجة أو عمرة‏"‏ ص 373 - ج 1‏]‏ عن يعلى بن أمية، قال‏:‏ أتى النبي عليه السلام رجل متضمخ بطيب، وعليه جبة، فقال‏:‏ يا رسول اللّه كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب‏؟‏ فقال له النبي عليه السلام‏:‏ أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك، زاد البخاري ‏[‏البخاري‏:‏ ص 208‏.‏‏]‏ في لفظ معلق‏:‏ وقال ابن جريج‏:‏ قلت لعطاء‏:‏ أراد الإِنقاء حين أمره أن يغسله ثلاث مرات‏؟‏ قال‏:‏ نعم، وفي لفظ لهما ‏[‏البخاري‏:‏ ص 208‏]‏ وهو متضمخ بالخلوق، فقال له‏:‏ اغسل عنك أثر الخلوق، وفي لفظ لمسلم‏:‏ وهو مصفر لحيته ورأسه، فقال له‏:‏ اغسل عنك الصفرة، وفي لفظ للبخاري‏:‏ ‏[‏البخاري في ‏"‏باب يفعل بالعمرة ما يفعل بالحج‏"‏ ص 241‏]‏ اغسل عنك أثر الخلوق، وأثر الصفرة، قال المنذري في ‏"‏مختصره‏"‏ بعد ذكره حديث أبي داود المتقدم‏:‏ فيه دليل على أن للمحرم أن يتطيب قبل إحرامه بطيب يبقى أثره بعد الإِحرام، ولا يضره بقاؤه، وعليه أكثر الصحابة رضي اللّه عنهم، واستدل من منعه بقوله عليه السلام‏:‏ اغسل عنك أثر الخلوق، وحمل على أنه كان من زعفران، يدل عليه رواية مسلم، وهو مصفر لحيته ورأسه، وقد نهى الرجل عن التزعفر، وقيل‏:‏ إنه من خواصه عليه السلام، وفيه نظر، فقد رئى ابن عباس ‏[‏رواه الشافعي في ‏"‏الأم‏"‏ ص 129 - ج 2 في ‏"‏باب الطيب للاحرام‏"‏ والبيهقي أيضًا من طريق الشافعي‏]‏ محرمًا وعلى رأسه مثل الرب من الغالية، وقال مسلم بن صبيح‏:‏ رأيت ابن الزبير، وهو محرم، وفي رأسه ولحيته من الطيب ما لو كان لرجل أعد منه رأس مال، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ رواية الزعفران عند أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ‏[‏أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ص 224 - ج 4‏.‏

‏]‏ روى حديث يعلى بن أمية، وقال فيه‏:‏ ثم دعاه عليه السلام، فقال له‏:‏ اخلع عنك هذه الجبة، واغسل عنك هذا الزعفران، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك، الحديث‏.‏

- حديث النهي عن التزعفر‏:‏ أخرجه البخاري، ومسلم ‏[‏البخاري‏:‏ ص 869 - ج 2، ومسلم‏:‏ ص 198 - ج 1‏.‏‏]‏ في ‏"‏اللباس‏"‏ عن عبد العزيز ابن صهيب عن أنس أن النبي عليه السلام نهى عن التزعفر، انتهى‏.‏ وفي لفظ لمسلم‏:‏ نهى أن يتزعفر الرجل، ويشكل عليه حديث رواه أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏رواه في ‏"‏باب في خضاب الصفرة‏"‏ ص 226 - ج 2‏.‏‏]‏ حدثنا عبد الرحيم بن مطرف ثنا عمرو بن محمد العنقزي ثنا ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر أن النبي عليه السلام كان يلبس النعال السبتية، ويصفر لحيته بالورس والزعفران، انتهى‏.‏ وصححه ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏، وقال‏:‏ عمرو بن محمد العنقزي ثقة، وعبد الرحيم أبو سفيان الرواسي أيضًا ثقة، انتهى‏.‏ وقال الحازمي في ‏"‏كتاب الناسخ والمنسوخ‏"‏‏:‏ واستدل الطحاوي ‏[‏ذكره الطحاوي في ‏"‏باب التطيب عند الاحرام‏"‏ ص 367 - ج 1‏]‏ بحديث عائشة‏:‏ كنت أطيب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فيطوف على نسائه، ثم يصبح محرمًا ينضح طيبًا، على وجوب غسل الطيب قبل الإِحرام، لأن قوله‏:‏ فيطوف على نسائه، مشعر بأنه اغتسل، ثم رده الحازمي بأنه ليس فيه‏:‏ أنه أصابهن، وكان عليه السلام كثيرًا ما يطوف على نسائه من غير إصابة، كما في حديث عائشة‏:‏ قلَّ يوم وإلا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يطوف علينا، فيقبِّل ويلمس دون الوقاع، فإذا جاء إلى التي هي يومها يبيت عندها، قال‏:‏ ولو ثبت أنه اغتسل، فحديث عائشة‏:‏ كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرقه، وهو محرم، يدل على بقاء عينه بعد الإحرام، أو يقول‏:‏ إنها طيبته مرة ثانية بعد الغسل، لأن وبيص الشيء بريقه ولمعانه، ثم نقل عن الشافعي أنه قال‏:‏ أمر النبي عليه السلام الأعرابي بغسل الطيب منسوخ، لأنه كان في عام الجعرانة، وهو سنة ثمان، وحديث عائشة‏:‏ أنها طيبت النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لإحرامه قبل أن يحرم هو ناسخه، لأنه كان في حجة الوداع، وهي سنة عشر، قال الحازمي‏:‏ وما رواه مالك ‏[‏رواه مالك في ‏"‏باب ما جاء في الطيب في الحج‏"‏ ص 127‏.‏‏]‏ عن نافع عن أسلم مولى عمر أن عمر وجد ريح طيب من معاوية وهو مُحرم، فقال له عمر‏:‏ ارجع فاغسله، فإن عمر لم يبلغه حديث عائشة، ولو بلغه لرجع إليه، وإذا لم يبلغه فسنة رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أحق أن تتبع، انتهى كلامه‏.‏ وحديث معاوية هذا رواه البزار في ‏"‏مسنده‏"‏، وزاد‏:‏ فإني سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ الحاج‏:‏ الشعث التفل، انتهى‏.‏

- الحديث الرابع‏:‏ روى جابر أن النبي عليه السلام

- صلى بذي حليفة بركعتين عند إحرامه‏.‏

قلت‏:‏ غريب عن جابر، والذي في حديث جابر الطويل أنه صلى في مسجد ذي الحليفة، ولم يذكر عددًا، ولكن أخرج مسلم ‏[‏1‏]‏ في ‏"‏باب التلبية‏"‏ عن سالم عن ابن عمر، قال‏:‏ كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يركع بذي الحليفة ركعتين، ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهلّ بهؤلاء الكلمات، الحديث‏.‏ وأخرج أبو داود ‏[‏2‏]‏ في ‏"‏باب وقت الإِحرام‏"‏ عن ابن إسحاق عن خصيف ابن عبد الرحمن الجزري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال‏:‏ خرج رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ حاجًا، فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتين أوجب في مجلسه، فأهلّ بالحج حين فرغ من ركعتيه، مختصر‏.‏ وسيأتي بتمامه في الحديث الذي بعد هذا، ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ‏[‏3‏]‏ وقال‏:‏ صحيح على شرط مسلم، انتهى‏.‏ وابن إسحاق، وخصيف فيهما مقال‏:‏ وأخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ عن يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس، قال‏:‏ اغتسل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ثم لبس ثيابه، فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين، ثم قعد على بعيره، فلما استوى على البيداء أحرم بالحج، انتهى‏.‏ ويعقوب بن عطاء ضعفه أحمد، ويحيى بن معين، قاله الشيخ في ‏"‏الإِمام‏"‏‏.‏

- الحديث الخامس‏:‏ روي أنه عليه السلام

- لبى في دبر صلاته - يعني ركعتي الإِحرام - ‏.‏

قلت‏:‏ أخرجه الترمذي، والنسائي ‏[‏الترمذي في ‏"‏باب ما جاء متى أحرم النبي صلى اللّه عليه وسلم‏"‏ ص 113 - ج 1، والنسائي في ‏"‏باب العمل بالإهلال‏"‏ ص 17 - ج 2‏.‏‏]‏ عن عبد السلام بن حرب ثنا خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي عليه سلام أهل في دبر الصلاة، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث حسن غريب، لا نعرف أحدًا رواه غير عبد السلام بن حرب، انتهى‏.‏ قال في ‏"‏الإمام‏"‏‏:‏ وعبد السلام بن حرب أخرج له الشيخان في ‏"‏صحيحيهما‏"‏، وخصيف بن عبد الرحمن الجزري ضعفه بعضهم، انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ولو لبى بعد ما استوت به راحلته جاز، ولكن الأول أفضل لما روينا، قلت‏:‏ يشير إلى الحديث المذكور، ولكن أحاديث‏:‏ أنه لبى بعد ما استوت به راحلته واضح، فأخرج البخاري، ومسلم ‏[‏البخاري في ‏"‏باب من أهل حين استوت به راحلته‏"‏ ص 210، ومسلم في ‏"‏باب بيان أن الأفضل أن يحرم حين تنبعث به راحلته متوجهًا إلى مكة لا عقب الركعتين‏"‏ ص 377‏.‏‏]‏ عن نافع عن ابن عمر أن النبي عليه السلام أهل حين استوت به راحلته قائمة، وفي لفظ لهما ‏[‏البخاري في ‏"‏باب الاهلال عند مسجد ذي الحليفة، ص 208، ومسلم‏:‏ ص 376‏.‏‏]‏ عن سالم عنه‏:‏ قال‏:‏ ما أهل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلا من عند المسجد - يعني ذا الحليفة - مختصر، وفي لفظ لمسلم‏:‏ قال‏:‏ كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إذا وضع رجله في الغرز وانبعثت به راحلته قائمة أهل من ذي الحليفة، انتهى‏.‏ وفي لفظ لمسلم عن عبيد بن جريج عن ابن عمر، قال‏:‏ لم أر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يهل حتى تنبعث به راحلته، مختصر‏.‏ وأخرجه البخاري ‏[‏البخاري في ‏"‏باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح‏"‏ ص 209‏]‏ عن محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك، قال‏:‏ صلى النبي عليه السلام بالمدينة أربعًا، وبذي الحليفة ركعتين، ثم بات حتى أصبح، فلما ركب راحلته واستوت به أهل، انتهى‏.‏ وأخرج أيضًا عن عطاء عن جابر أن إهلال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ من ذي الحليفة حين استوت به راحلته، انتهى‏.‏ وأخرج مسلم عن ابن عباس، وفيه‏:‏ ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج، مختصر، وفي سنن أبي داود ‏[‏ص 246 - ج 1‏.‏‏]‏ ما يجمع بين هذه الأحاديث، وحديث‏:‏ أهل في دبر صلاته أخرجه عن ابن إسحاق عن خصيف عن سعيد بن جبير، قال‏:‏ قلت لعبد اللّه بن عباس‏:‏ عجبت لاختلاف أصحاب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في إهلاله حين أوجب، فقال‏:‏ إني لأعلم الناس بذلك، إنها إنما كانت من رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ حجة واحدة، فمن هناك اختلفوا، خرج رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ حاجًا، فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام، فحفظته عنه، ثم ركب، فلما استقلت به ناقته أهل، وأدرك ذلك أقوام، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالًا، فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل، فقالوا‏:‏ إنما أهل حين استقلت به ناقته، ثم مضى عليه السلام، فلما علا شرف البيداء أهل، وأدرك ذلك أقوام، فقالوا‏:‏ إنما أهل حين علا على شرف البيداء، وأيم اللّه لقد أوجب في مصلاه، وأهل حين استقلت به ناقته، وأهل حين علا على شرف البيداء، فمن أخذ بقول ابن عباس، أهل في مصلاه إذا فرغ من ركعتيه، انتهى‏.‏ ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏، ‏[‏ص 451 - ج 1‏.‏‏]‏ وقال‏:‏ صحيح على شرط مسلم، وابن إسحاق فيه مقال، وكذلك خصيف، ‏[‏ليس في النسخة المطبوعة من ‏"‏المستدرك‏"‏ تضعيف ‏"‏خصيف‏]‏ قال ابن حبان في ‏"‏كتاب الضعفاء‏"‏‏:‏ ‏[‏ووثقه ابن سعيد، والنفيلي، والبخاري، كما في ‏"‏تهذيب التهذيب‏"‏‏.‏‏]‏ كان فقيهًا صالحًا، إلا أنه كان يخطئ كثيرًا، والإنصاف فيه قبول ما وافق فيه الأثبات، وترك ما لم يتابع عليه، وأنا أستخير اللّه في إدخاله في الثقات، وكذلك احتج به جماعة من أئمتنا، وتركه آخرون، انتهى‏.‏

قوله‏:‏ وهو إجابة الدعاء الخليل عليه السلام على ما هو المعروف في القصة - يعني في التلبية - ، قلت‏:‏ فيه آثار عن الصحابة والتابعين‏.‏ فمنها ما أخرجه الحاكم في ‏"‏ المستدرك‏"‏ ‏[‏‏(‏9‏)‏ ص 552 - ج 2‏.‏‏]‏ في فضائل إبراهيم عليه السلام عن جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال‏:‏ لما بنى إبراهيم البيت أوحى اللّه إليه أن أذن في الناس بالحج، قال‏:‏ فقال إبراهيم‏:‏ ألا إن ربكم قد اتخذ بيتًا، وأمركم أن تحجوه، فاستجاب له ما سمعه من حجر، أو شجرة، أو مدر، أو غير ذلك‏:‏ لبيك اللّهم لبيك، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏ وفيه نظر، نقل عن ابن معين أنه قال‏:‏ حديث عطاء بن السائب ضعيف ‏[‏كذا في ‏"‏ تهذيب التهذيب - في ترجمة عطاء بن السائب‏"‏‏.‏‏]‏ إلا ما كان من رواية سفيان، وشعبة، وحماد بن سلمة، إلا حديثين سمعهما شعبة بأخرة، واللّه أعلم‏.‏ وأخرجه أيضًا عن جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس، قال‏:‏ لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت، قال‏:‏ رب قد فرغت، فقال‏:‏ أذن في الناس بالحج، قال‏:‏ رب‏!‏ وما يبلغ صوتي‏؟‏ قال‏:‏ أذن، وعلي البلاغ، قال‏:‏ رب كيف أقول‏؟‏ قال‏:‏ قل‏:‏ يا أيها الناس، كتب عليكم الحج، حج البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض، ألا ترون أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون‏؟‏‏!‏، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ صحيح الإسناد، ولم يخرجاه‏.‏

- طريق آخر‏:‏ روى إسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنده‏"‏ أخبرنا النضر بن شميل حدثنا حماد بن سلمة ثنا أبو عاصم عن أبي الطفيل، قال‏:‏ قلت لا بن عباس‏:‏ أتدري كيف كانت التلبية‏؟‏ إن إبراهيم أُمر أن يؤذن الناس بالحج، فرفعت له القرى، وخفضت الجبال رؤوسها، فأذن في الناس بالحج، وقال‏:‏ يا أيها الناس أجيبوا ربكم، فأجابوه، مختصر‏.‏ وفيه قصة‏.‏

- آخر‏:‏ رواه أبو الوليد محمد بن عبد اللّه الأزرقي في ‏"‏تاريخ مكة‏"‏ حدثني محمد يحيى عن محمد بن عمر الواقدي عن ابن أبي إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة عن عمر بن الحكم عن أبي سعيد الخدري، قال‏:‏ قال عبد اللّه بن سلام‏:‏ لما أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس قام على المقام، فارتفع المقام حتى أشرف على ما تحته، وقال‏:‏ يا أيها الناس أجيبوا ربكم، فأجابه الناس، فقالوا‏:‏ لبيك اللّهم لبيك، انتهى‏.‏ وروى أيضًا‏:‏ حدثني جدي أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي عن مسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال‏:‏ قام إبراهيم عليه السلام على هذا المقام، فقال‏:‏ يا أيها الناس أجيبوا ربكم، فقالوا‏:‏ لبيك اللّهم لبيك، قال‏:‏ فمن حج اليوم فهو ممن أجاب إبراهيم يومئذ، انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ولا ينبغي أن يخل بشيء من هذه الكلمات، لأنه المنقول باتفاق الرواة، فلا ينقص عنه، قلت‏:‏ فيه نظر، إذ ليس ما ذكره من التلبية منقولًا باتفاق الرواة، فقد روى حديث التلبية عائشة، وعبد اللّه بن مسعود، وليس فيه‏:‏ والملك لك، لا شريك لك‏.‏

- فحديث عائشة‏:‏ أخرجه البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏[‏في ‏"‏باب التلبية‏"‏ ص 210‏.‏‏]‏ عن أبي عطية عن عائشة، قالت‏:‏ إني لأعلم كيف كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يلبي‏:‏ لبيك اللّهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، انتهى‏.‏ ووهم شيخنا علاء الدين في عزوه للشيخين، فإن مسلمًا لم يخرج حديث عائشة أصلًا‏.‏

- وحديث ابن مسعود‏:‏ أخرجه النسائي في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏في ‏"‏باب كيف التلبية‏"‏ ص 17 - ج 2‏.‏‏]‏ عن حماد بن زيد عن أبان بن تغلب عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن زيد عن عبد اللّه، قال‏:‏ كانت تلبية رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ لبيك اللّهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، انتهى‏.‏ وكذلك رواه الطحاوي في ‏"‏شرح الآثار‏"‏ ‏[‏ص 363‏.‏‏]‏ وهي موجودة في حديث ابن عمر، أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن نافع عنه، قال‏:‏ كانت تلبية رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ لبيك اللّهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك لبيك، قال‏:‏ وكان عبد اللّه بن عمر يزيد فيها‏:‏ لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك لبيك، والرغباء إليك والعمل، انتهى‏.‏ وموجودة في حديث جابر أيضًا، أخرجه أبو داود، وابن ماجه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، بمثل حديث ابن عمر، خلا الزيادة‏.‏

قوله‏:‏ روى أن أجلاّء الصحابة‏:‏ كابن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة رضي اللّه عنهم زادوا على المأثور - يعني في التلبية - ، قلت‏:‏ حديث ابن عمر رواه الأئمة الستة في كتبهم عن نافع عن ابن عمر أن تلبية رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ليبك اللّهم لبيك، لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك، قال‏:‏ ‏[‏القائل هو الطحاوي، كما تقدم آنفًا‏.‏‏]‏ وكان عبد اللّه بن عمر يزيد في تلبيته‏:‏ لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك لبيك، والرغباء إليك والعمل، انتهى‏.‏ وأخرج مسلم ‏[‏ص 376 - ج 1‏.‏‏]‏ هذه الزيادة من قول عمر أيضًا، ولفظه‏:‏ عن ابن عمر، قال‏:‏ وكان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يهل بإهلال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ من هؤلاء الكلمات، ويقول‏:‏ لبيك اللّهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك لبيك، والرغباء إليك والعمل، مختصر‏.‏

وقوله‏:‏ من هؤلاء الكلمات، يريد تلبية رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ من رواية ابن عمر، وجهل من قال‏:‏ - يعني المذكور - في حديث عائشة، لأن مسلمًا لم يخرج حديث عائشة أصلًا، ولا خرج في التلبية غير حديث ابن عمر، ثم ذكر هذا عقيبه، واللّه أعلم‏.‏ وحديث ابن مسعود رواه إسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنده‏"‏ أخبرنا وهب بن جرير بن حازم، قال‏:‏ سمعت أبي يحدث عن أبي إسحاق المهراني عن عبد الرحمن بن زيد، قال‏:‏ حججنا في إمارة عثمان بن عفان مع عبد اللّه بن مسعود، فذكر حديثًا فيه طول، وفي آخره‏:‏ وزاد ابن مسعود في تلبيته، فقال‏:‏ لبيك عدد التراب، وما سمعته قبل ذلك، ولا بعد، انتهى‏.‏ وكذلك رواه أبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسنده‏"‏، وحديث أبي هريرة غريب عنه، لكنه روى زيادة مرفوعة في حديث أخرجه النسائي، وابن ماجه عن الأعرج عن أبي هريرة‏.‏ قال‏:‏ كان من تلبية النبي عليه السلام‏:‏ لبيك إله الحق لبيك، انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع الثاني عشر، من القسم الخامس، والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏، وقال‏:‏ صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏

-